الأحد، 18 مارس 2012

نادي الشعب اللَحجي بقلم الأستاذ / علي بن علي سعد عيدان




في 7 ذو القعدة1366هـ الموافق 1945م أُعلن تأسيس نادي الشعب اللَحجي في مدينة الحوطة عاصمة السلطنة اللَحجية , جاء ذلك في منشور حدد أهدافه كما يلي :
_ السعي لتكوين نهضة اجتماعية في السلطنة متوافقة مع المتغيرات العصرية العربية و الإسلامية وذلك بأقرب وسيلة متقنة تتخذها رئاسة النادي .
_ السعي لتكوين نهضة صناعية في لَحج تساير الحركة الصناعية الحديثة في البلدان المتقدمة .
_ السعي للقضاء على الأمية و الفقر و التسول و البطالة بطرق البر و الاستعطاف و من واردات النادي الذي يحصل عليها من تعهدات الأعضاء الشهرية أو من تبرعات أهل الخير .
هذه الأهداف الثلاثة المذكورة آنفاً , ويتضح من هذه الأهداف أن مهام النادي ينحصر في القضايا الاجتماعية مثلها مثل أهداف الأندية الاجتماعية الأخرى , ولم يكن لها أهداف سياسية حتى يونيو 1947م بعد وفاة السلطان عبدالكريم فضل سلطان لحج آنذاك و تولى أبنه ولي العهد فضل عبدالكريم فضل الملل عند أبية و عمه أحمد فضل بن علي (القمندان) و لم يكن مؤهلاً للحكم في السلطنة .
ألا أن اختياره سلطاناً للحج تم على اثر اجتماع أمراء لحج ورؤساء العشائر و عقالها و سادتها , و أنه هو الأكبر من أخيه علي عبدالكريم , ولم يختار سلطاناً على لحج ألا بشروط , و أهم هذه الشروط هي : 
_ التزام السلطان بقبول مجلس تشريعي للحج .
_ التزام السلطان بقبول مجلس تنفيذي للحج يدير شئون السلطنة .
_ تقيد السلطان بان يكون له الحق بان يحكم , و ليس له الحق أن يتصرف بمرافق السلطنة و لا في أهلها .
_ ليس للسلطان الحق أن يختار ولي عهده , كما فعل أبية في اختياره .
و قد أثارت عملية اختيار فضل عبدالكريم سلطان على لحج غضب نادي الشعب اللحجي معتبراً ان عملية الاختيار ليست شرعية بل تمت بفضل الرشاوى و الإغراءات بالأموال الذي بذلها فضل عبدالكريم لرؤساء القبائل و العشائر و السادة, ليس كفاءته و إدارة هذا السلطان لشئون السلطنة , لأنه معروف أولا أنه أقل تعليماً من أخيه علي عبدالكريم فضل ثانياً : ليس أرجح عقلاً من أي اكبر سناً منه في البيوت الباقية من أل محسن , ثالثاً : إن نشأته طول حياته مدللاً غير جدير بتحمل المسئولية لإدارة السلطنة , رابعا : لا يقدر المسئولية و لا يعرف شيئاً عن إدارة الحكم , ولم يعيش مع أبية و أخيه في قصر وأحد , فأن حياته خارج مدينة الحوطة في قصر دار عرايس الذي ترك له عمه أحمد فضل بن علي القمندان على ضفاف وادي تبن قرب منطقة شيلوب بالعند .
و نادى نادي الشعب اللحجي بإزالة المظالم عن الناس , وتحول النادي الى حزب معارض بدلاً من نادي اجتماعي ثقافي في وجه السلطان فضل عبدالكريم , وأنشأ النادي في تلك الفترة الخمسينات صحيفة اسمها (صوت الشعب) محرروها من أعضاء النادي المثقفين أمثال الأستاذ / فضل عوزر و الأستاذ / صالح عبدالله بأمعافا .
غير أن السلطان فضل عبدالكريم عمل على إيقاف نشاط نادي الشعب اللحجي تمهيداً لحله , وقام بدفع بعض الموالين له المتنفذين من حوله جلساء السوء الفاسدين بأن يؤسسوا نادي أخر بدلاً من نادب الشعب اللحجي سمي آنذاك بنادي الشباب اللحجي , وإعطاء الحق بأن يعمل كحزب سياسي معارض لحكم السلطان فضل عبدالكريم و جعل موقعة في مدينة الشيخ عثمان و ليس في مدينة الحوطة .
 و قد قام هذا النادي السياسي المعارض للسلطان بتجميع الشباب العاملين والموظفين في دائرة حكومة عدن البريطانية يهاجون تارة السلطان فضل عبدالكريم في أتفة الأسباب وتارة ينتقدون بشدة نادي الشعب اللحجي و خروجه عن مهامه في العمل الاجتماعي .غير أن نادي الشعب اللحجي ظل على عهدة يحقق إنجازات في تحقيق المطالبات الدستورية والقانونية في السلطنة أللحجية , حتى أن بعض أعضاءه كانوا في صفوف أعضاء المجلس التشريعي , وأن تم في ذلك الوقت أيضا أن خرج بعض أعضاه عنه وأسسوا في مدينة الشيخ عثمان عدن نادياً بنفس الإسم (نادي الشعب اللحجي) وعرف من هيئة التأسيسية مكونه من :
_ عبدالله عمر صالح الباس     رئيساً
_ عمر صالح طرموم           أمين عام
و أول عمل قام به هذا النادي هو مخاطبة السلطان فضل عبدالكريم بضرورة القوانين الإجرائية لكل إدارة من الإدارات العاملة في عاصمة السلطنة العبدلية مثل : إدارة البلدية , إدارة المالية , إدارة الأوقاف , إدارة الزراعة , إدارة التموين ,إدارة المعارف , إدارة العلاقات الخارجية , إدارة الأمن , إدارة الدفاع الوطني لتعرف كل إدارة اختصاصاتها و حدود سلطتها و أقسامها و فروعها , ومدى صلاحية مدراها . 
لذلك شن هذا النادي هجوماً على السلطان فضل عبدالكريم و أتهمته بالأنزواي داخل قصره لشرب الخمر و الفسق و ترك زمام أمور السلطنة في أيدي الآخرين وأنه يقوم بتعذيب المواطنين و ربطهم في جذوع الأشجار و هدم البيوت و مصادرة أموالهم , و أغراضهم من قبل جنود السلطان .
أن نادي الشعب اللحجي في لحج و نادي الشعب اللحجي في مدينة الشيخ عثمان / عدن كانا تنظيمان سياسيان , وأن كانا اجتماعيان ثقافيان , لقد قام بمطالبة السلطان فضل عبدالكريم بحكم دستوري , انتقدا الممارسات الحكومية الخاطئة , و أن هما أسهما في إنعاش الحياة الثقافية في البلاد من خلال إقامة المحاضرات و عقد الندوات التي كانت تفضح فيها السلطان فضل عبدالكريم و سوء استعماله السلطة .
لقد أجبر الناديان السلطان فضل عبدالكريم على إجراء بعض التعديلات الدستورية في نظام الحكم و أجبر على إصدار وثيقة للإصلاح الوطني في 4فبراير عام 1951م و يمكننا أن نستعرض بعضاً مما جاء في هذه الوثيقة و هي كما يلي :
_ تقول مقدمة الوثيقة (( نظراً للحاجة الملحة لإصلاح وطني شامل في السلطنة )) وبما أن أهم هدف من أهداف نادي الشعب اللحجي يحث على السعي بكل ما هو فيه إصلاح الإدارات في لحج و إصلاح كل ما يهم الشعب اللحجي و عملاً بما جاء في كتاب الله العزيز (( أن الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) صدق الله العظيم , فأن المجلس الإداري للنادي يتقدم بوثيقة الإصلاح الوطني الى مولانا السلطان فضل عبدالكريم و الى أمراء البيوت الخمسة من 
آل محسن و الى أهل الحل و العقد في لحج , أن يقوموا بتكوين المجلس التشريعي كالأتي :
_ من عظمة السلطان نفسه .
_ عضوين من كل بيت من البيوت الخمسة لأل محسن .
_ عضوين من بيوت سادة الوهط .
_ عضوين من آل سلام .
_ عضوين من آل البان .
_ عضوين من قبيلة العزيبة .
_ عضوين من اليمينه .
_ و أعضاء ومن أهل البلاد في السلطنة من المزارعين و التجار و المهن الأخرى .
و أقترح نادي الشعب اللحجي بأن يكون المجلس التشريعي من 24عضواً , و اقترح النادي أن يكون رئيس المجلس التشريعي هو الذي يضع النظام اللازم للمجلس , ويعرض هذا النظام على المجلس لمناقشته و إقراره , وأقترح النادي أن يكون مدة المجلس التشريعي خمسة سنوات في هذه المدة يتم وضع الدستور للسلطنة و قانون الانتخابات .
كما أقترح النادي أن تتولى الجمعية التأسيسية للسلطنة عملية الأشراف على إجراءات الانتخابات للمجلس التشريعي , و اقتراح النادي أيضا تشكيل مجلس تنفيذي من رؤساء الإدارات الحكومية العشرة القائمة في لحج , و أن يوضع قانون للمجلس التنفيذي و كذلك الحال بالنسبة لرؤساء الإدارات الحكومية إذ يضع قانون لكل إدارة , و أن يوضع مشروعاً بإصلاحات عامة لكل الإدارات الحكومية , ثم يعرض كل ذلك على المجلس التشريعي لمناقشة و إقراره , ثم العمل به من تأريخ صدوره .
كذلك أقترح النادي إي نادي الشعب اللحجي بتكوين مجلس قضائي من رئيس و ثلاثة أعضاء ينتخبون من المجلس التشريعي , و أقترح النادي أيضاً بتكوين جيش الدفاع الوطني , وان يكون السلطان قائداً للجيش , و بأسم السلطان تصدر المراسيم و القوانين و التي يقرها المجلس التشريعي و لا يحق للسلطان تعيين ولي عهده بل يتم اختياره عن طريق الانتخابات من قبل أهل الحل والعقد في السلطنة .
و يمكن القول أن نادي الشعب اللحجي كان قد نجح في الضغط على السلطان فضل عبدالكريم بقبول مشروع الدستور المقترح حين إعلان السلطان عن قبوله للدستور اللحجي في مارس 1952م .
و كان الدستور اللحجي قد صدر في 14 صفحة من صفحات الفولكاب بتأريخ 1370هـ الموافق 1951م يستند على خمسة و تسعين مادة يحتوي الباب الأول منها على ثلاث مواد و هي :
1) سلطنة لحج سلطنة عربية أسلامية و يطلق عليها سلطنة لحج و يطلق عليها سلطنة لحج .
2) دين السلطنة أللحجية الرسمي الإسلام و على هداه تسن القوانين .
3) اللغة العربية هي اللغة الرسمية في السلطنة.
أما الباب الثاني يحتوي أحدى عشر تتضمن حقوق و واجبات المواطنين , أما الباب الثالث من الدستور يحتوي على تسعة مواد تتضمن تحديد مهام السلطان و مهام كل سلطة .
لذلك صدر للدستور ملحق من ستة صفحات تتضمن الإجراءات الإدارية و نظام المجلس التشريعي , و بعد قبول الدستور من قبل السلطان أرسل نسخة منه الى حكومة عدن , ويقوم السلطان بتبليغ الأمراء و يعينهم أعضاء في المجلس التشريعي .
و بالرغم من قبول السلطان للدستور ظل حبر على الورق إذ لم يعمل به السلطان فضل عبدالكريم , ألا أن السلطان ظل يمارس سلطته الفردية المطلقة ويتصرف على هواه دون أن يعطي أي اعتبار للدستور الذي أعلنه .
غير أن هذا التصرف من قبل السلطان جرت عليه المتاعب , تسببت في الأخير بعزله في 20 أبريل 1952م حيث تمكن في ليلة العشرين من أبريل الخروج ليلاً الى شمال اليمن هو و حاشيته و حرسه , ومن شمال اليمن رحل الى المملكة العربية السعودية في منطقة ((قويزة)) على بعد سبعة كيلومترات من مدينة جدة ضيفاً على أحدى الأمراء في تلك المنطقة و ظل فيها حتى توفي توفاه الأجل في عام 1978م .
وبعدها أعلن عن تشكيل مجلس تشريعي في لحج  وسلطن الأمير علي عبدالكريم فضل و هو الأخ الأصغر للسلطان فضل عبدالكريم فضل و الذي أخرجه أخيه في ليلة زفافه من قصر الحجر الذي أقيم فيه الزواج و ضيوفه الى عدن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق